سقوط إبليس بين الحقيقة والوهم و محاولات تبرئة عدو الله
بقلم / الأديب د أحمد أمين عثمان
تحليل نقدي لرواية مأساة إبليس اليوم السابع للروائي العالمي محي الدين محمود حافظ
في زمن كثرت فيه الخيالات والتخيلات الغامضة تظهر بين الحين والآخر محاولات لإعادة تقديم الشيطان لوسيفير لا بوصفه عدوا للإنسان بل كمخلوق مظلوم ضحية قدر لم يملك فيه اختيارا. ومن هذه المحاولات ما ورد في نص أدبي بعنوان مأساة إبليس الليلة السابعة حيث يقدم إبليس لا كرمز للشر بل ككائن شعري تائه بين الكبر والقدر محاط بالعواطف والندم والاحتجاج.
الرواية الشعرية مأساة إبليس الليلة السابعة بقلم الروائيالعالمي محي الدين محمود حافظ هي عمل سردي شعري عميق يستحق قراءة نقدية فلسفية تتناول بنيته رمزيته وجدليته الأخلاقية والميتافيزيقية.
أولا البنية والطرح الفلسفي العام
الرواية تعيد قراءة قصة السقوط من منظور الضحية الكبرى إبليس فتتحول القصة من مجرد تمرد على أمر إلهي إلى ملحمة وجودية يتداخل فيها الكبرياء مع القدر والحب مع الخطيئة والعقل مع المصير.
المنظور المقلوب (قلب المائدة) الذي تتبناه الرواية يشكل لب الفلسفة المعروضة هنا إبليس لا يقدم كمجرد رمز للشر بل ككائن مقهور شاعري يتأمل مصيره ويجادل فيه ويطالب بمحاكمة عدل لا محاكمة خضوع.
ثانيا الجدل الميتافيزيقي
الرواية تعالج ولا تعالج أسئلة فلسفية مركزية:
هل كان لإبليس خيار؟
يصر الروائي بلسان السارد على أنه لم يمنح البصيرة ولا حرية الاختيار مما يعيد فتح النقاش حول القدر والحرية في التصور الإيماني.
هل تستحق الخطيئة هذا العقاب؟
إبليس يسأل ضمنا هل رفض السجود لغير الله ولو بأمره خطيئة؟ وهل الكبرياء جريمة فطرية أم مكتسبة؟ وهنا يظهر البعد الصوفي الوجودي: إبليس كمن وقع في فخ النور الإلهي فرفض أن يرى سواه.
العدالة الإلهية مقابل الإرادة المطلقة
يتساءل السارد إن كنت أعلم أنني سأغوي فلماذا جعلت كذلك وهو تساؤل جوهري في اللاهوت والفلسفة الإسلامية يوازي تساؤل إبليس في التراث: رب بعزتك لأغوينهم أجمعين.
ثالثا لغة النص وشاعريته
اللغة تنوس بين الشعر الحر والنثر الملحمي، مع لمحات من التوراة والتلمود والقرآن، في مزيج ديني أسطوري يضفي عمقا كونيا.
في قوله مثلا:
أنا الكذوب ولكن بصدق / و حقد و ألم دفين / أنا من نار و هو من طين
هذا التناقض بين الكذب الصادق والنار والطين يعكس طبيعة الصراع الوجودي ويذكرنا بثنائية الشيطان الملاك عند ويليام بليك أو ميلتون.
رابعا رمزية إليزابيت
ظهور الأميرة إليزابيت كحورية حية ذهبية حفيدة ملك الجن يحمل طابعا رمزيا عميقا.
هي تمثل الإغواء الأنثوي الأول وامتداد لفكرة الحية في سفر التكوين.
لكنها ليست فقط أداة بل مغيرة لقواعد اللعبة وذات إرادة وعاشقة لإبليس.
العلاقة بينهما توازي علاقة آدم بحواء ولكن بشكل مقلوب و مظلم وشيطاني دنس.
خامسا تأثيرات فلسفية وأدبية ظاهرة
ميلا لفكر جون ميلتون (Paradise Lost)
حضور واضح في طرح إبليس ككائن مأساوي لا شرير مطلق.
فريدريش نيتشه
في إعادة تقييم القيم و إبليس هنا يرفض الأخلاق التوراتية ويبحث عن قوة جديدة.
الوجودية
إبليس يعاني من القلق و من فقد المعنى ومن عبثية الخلق دون خيار. حاشا وكلا
سادسا الأسئلة الكبرى التي تطرحها الرواية
1. هل إبليس ضحية قدر أم مجرم إرادة؟
2. ما الذي يجعل آدم يسامَح على خطيئته و بينما يلعن إبليس؟
3. هل الجمال و الحب والكبرياء خطايا؟ أم طبيعة مخلوقة؟
4. من المخطئ الحقيقي: آدم؟ أم إبليس؟
أم "الخطة الإلهية"؟
ونصل هنا لتحليل فلسفي وجمالي
مأساة إبليس الليلة السابعة ليست فقط قصة تمرد بل رحلة تأملية في أعماق النفس البشرية والقدرة الإلهية لتعيد كتابة التاريخ من وجهة نظر المطرود.
الرواية تفجر أسئلة أكثر مما تقدم أجوبة وهذا جوهر الأدب الفلسفي العظيم.
إنها نص يليق أن يُقرأ بجوار الجحيم لدانتي والفردوس المفقود لميلتون، وتدعو قارئها للمكوث في الظل لا لأن النور مفقود بل لأن الظل هو الحقيقة المخفية.
ولأن في مثل هذا الطرح انحرافا عقديا خطيرا عن القرأن والسنه وجب بيان الموقف الحق من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة تأكيدا للعقيدة ودحضا للشبهات.
أولا: هل كان إبليس مظلوما؟
القرآن الكريم يرفض هذه الفكرة رفضًا قاطعا. إذ يقول الله تعالى:
قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين؟
[ص: 75]
فإبليس عصى أمر الله عن كبر واستعلاء لا عن جهل أو ظلم وقع عليه. وبين الله تعالى ذلك بوضوح:
إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
[البقرة: 34]
بل إن إبليس اعترف باختياره ومسؤوليته حين قال:
لأقعدن لهم صراطك المستقيم
[الأعراف: 16]
فلا مجال للحديث عن ضحية أو مظلوم في هذا السياق.
ثانيا الفرق بين آدم وإبليس
كثيرا ما يطرح السؤال: لماذا غفر لآدم ولم يغفر لإبليس؟
والجواب في القرآن واضح:
آدم عليه السلام: عصى ثم تاب وقال بصدق:
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
[الأعراف: 23]
فتاب الله عليه.
أما إبليس: فقد تكبر وجادل واحتج على الله:
قال رب بما أغويتني
[الحجر: 39]
فشتان بين من يعترف ويتوب ومن يعاند ويجادل.
ثالثا الزعم بأن إبليس رفض السجود توحيدا
ومن الأخطاء الخطيرة القول بأن إبليس رفض السجود لأنه كان موحدا لا يسجد إلا لله! وهذا تحريف صريح لأمر الله.
فالسجود لآدم لم يكن عبادة بل طاعة لله تعالى وتكريما لآدم وكما أمر الله الملائكة.
والسجود تكليف ومن رد التكليف فقد كفر.
قال تعالى:
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين
[البقرة: 34]
رابعا تصوير إبليس بصورة شاعرية أو عاشقة
ورد في النص ذكر شخصية إليزابيت بوصفها حبيبة إبليس والحديث عن الحب والغواية والرومانسية وهذا لا أصل له في دين الله بل من الخيال الباطني والأسطوري المتأثر بالتوراة المحرفة والتلمود والغنوصية المسيحية والميثولوجيات الغربية.
ولا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتأثر بمثل هذه التخيلات قال تعالى:
إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا
[فاطر: 6]
والشيطان لا يحب ولا يلهم ولا يرثى له بل يلعن.
خامسا الرد على الشبهة القدرية
يحاول البعض تبرئة إبليس بحجة أنه مكتوب عليه الغواية ولا اختيار له ولكن هذا يتناقض مع الإيمان بالقضاء والقدر كما قرره أهل السنة والجماعة.
فالعبد يفعل باختياره ويحاسب على فعله والله أعلم به قبل أن يخلقه لكنه لم يجبره.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة! فقال آدم وأنت موسى الذي اصطفاك الله وكتب لك التوراة أفلا ترى أني عملت بقدر الله؟ فحج آدم موسى
(رواه البخاري ومسلم)
فالقدر يحتج به بعد المعصية توبة وتسليما و لا قبلها تبريرا وتكبرا كما فعل إبليس.
نصيحة في الله الحذر الحذر من التجميل الأدبي للباطل
إن تصوير إبليس ككائن مظلوم شاعر و ذو مشاعر و محب و محتج لهو من مداخل التلبيس الإبليسي نفسه ليظهر قبحه في صورة الجمال ويبرر تمرده على أنه موقف فلسفي عميق.
وقد حذرنا الله من ذلك:
وزين لهم الشيطان أعمالهم
[الأنفال: 48]
فلنثبت على العقيدة السمحاء ولنتقي الله في كل تصوير أدبي أو فني يخالف القرآن والسنة ومهما كان الأسلوب جذابا أو لغته شاعرية.
نحن أصحاب الأقلام والفكر أخذنا على عاتقنا تشكيل الوعي الجمعي عند شبابنا نواة مستقبلنا لنتقي الله بهم ولنترك لهم علما ينتفعوا به ويكون
لنا بالميزان.
اللهم اجعلنا ممن يعقل عنك أمرك ويتبع صراطك ولا تجعل في قلوبنا ميلا للباطل ولو زين لنا.
قول آمين.
@الجميع أحبكم في الله.
رواية مأسآة إبليس الليلة السابعة
بقلم
محي الدين محمود حافظ
کْيَفُ سِقُطِتٌ يَآ نِجّمًةّ آلَسِمًآء
يَآ نِجّمًةّ آلَصّبًحً آلَزٍآهّرةّ
کْيَفُ لَعٌنِتٌ وٌ آنِتٌ آلَضيَآء
وٌهّوٌيَتٌ آلَيَ أرض جّردٍآء
کْنِتٌ تٌهّمًسِ بًقُلَبًکْ
سِأصّعٌدٍ آلَيَ أعٌآلَيَ آلَسِمًآء
وٌ أجّلَسِ عٌلَيَ عٌرشُ آلَإلَةّ®
أعلم ان من تابعني
فيقينا إتبعني
مهلا
اسمع همسكم و لعناتكم
لي الآن يا أولياء الله
تلك متعتكم بني آدم
آة يا آدم
بنيك يسبون الله جهرا
في عالمكم الممتع
تستحلوا مال اليتيم
وتزنوا ..
آه يا آدم
ادخلتلي مصير ولا حيلة
لا اختيار لا بصيرة
فقط شرير ملعون
كان يوما قاهر المجون
امير السيف و النار
وعابد مطيع للقهار
وخلقت انت بيديه
لتجعل مصيري
بيديك
أجري مجري الدم في عروقكم
مهلا
لنعد ليومنا السادس
ولنري المشهد من قريب
انا الآن شيطان
لوسفير
ابا مرة
انتهي الطاووس العابد
ولكني لازلت في الجنة
وسمعت كل مخلوقات الجنة
بعد لقائى مع رب الملكوت
الكل سمع صوت الرب
مخاطبا آدم
يحذرة مني ثلاث مرات
بأني سأجعلة يسقط
في الخطيئة
ثلاث مرات
و مدونة في قرائنكم
لو كنتم مسلمين
انظروا هناك
بين اشجار التين و الرمان
و أنهار اللبن و العسل
ها هو آدم
مهيب جميل الوجة
مهيب الخلقة
يمشي متحسس خطواتة
ويحاور من خلقت من ضلعه
مازال يتعرفان بعضهما
...فركنا تحت شجرة تفيض ثمرا وزهرا مختلف ألوانة
و عاد يفكر فيما حدث له اليوم فهو يوم غير أي يوم
يوم خلق آدم أحسن الخلق و كيف دارت أحداثه ؟
و كيف كان اللقاء بين رب الملكوت وبين الملائكة ؟
و آدم يقف ساكنا حتي رأي الملائكة جبريل و إسرافيل
و باقي الملائكة يتستأذنوا رب العرش في سؤاله تعالي
اقترب ميكيائل الملگ المهيب وسأل بخشوع الرب
يا رب ؟
أتخلق فيهامن يسفك الدماء®
كانت نظراتهم علي أنا آدم الطيني
قال ميكيائيل الملگ للرب
أتخلق هذا التمثال ليسفك الدماء
ربي نحن من حاربناه
..هو نفس الهيئة والشكل و نحن نعبدك و نقدس و نسجد لك
فقال العزيز
أنا اعلم مالا تعلمون®
و تذكر آدم و هو راقدآ علي الشجرة
كيف علمة ربه الأسماء كلها والعلوم
التي تجعله ندا لأسئلة الملائكة
و هو لا يعرف كيف عرف ذلك فجأة
و لكن هنا تذكر قول الرحيم
أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين®
وأمر الرب للملائكة علي جدالهم
إسألوا آدم لتعلموا اليقين
و أروني أن كنتم صادقين
و تذكر خجل الملائكة بعد إختبار آدم
و رد ادم عليهم بطلاقه لا يعرف كيف عرفها
و لكنه فرح و تذكر خجل الملائكة
و هم يقولون للرحمن
سبحانك ليس لنا الا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم®
و تذكر آدم كيف اخبرهم
بكل مخاوفهم و آسمائهم و تساؤلاتهم
و كيف رد الرب
ألم أقل لكم
إني أعلم غيب السموات والأرض
و أعلم ما تبدون و ماكنتم تكتمون®
و هنا غفا آدم من روعة وسحر الجنة
نعم نام آدم لأول مرة
مهلا بني الطيني المهين
أروي لكم قصة الخلق
انا الكذوب ولكن بصدق
و حقد و ألم دفين
انا من نار و هو من طين
خلق و كنت عابد ساجد
وأصبح مصيري الجحيم
خطيئتي الكبر
واري امامي منكم من يسب الدين
ويقتل و يزني وقهر اليتيم
ظلم مبين
وتحدي
وحقد
وثأر
لطين
أقسمت للجبار أن أنتقم
وأن أثبت للغفور اني أحسن من آدم
و أن لا سجود إلا للرحمن
حتي و لو أصبحت رجيم
و هنا وضعت التية والدائرة
ومخطط حتي يوم الدين
سأراهم يسقطون علي الصراط المستقيم
مذعورين خاشعين مذلولين لي
ولكن هيهات
انا رجيم
وهنا بدأت رحلة الغواية
الصراع الأبدي الذي أقسمت للقدوس
بأن أغوينهم أجمعين
و لكن أين أبدأ
و لمعت عيني
و وجدتها
اياكم
بني البشر
أن تنسوا
الأميرة إليزابات
ملكة حيات الجنة واجملها حين تتشكل
كحور العين و حفيدة اول من خلق من نار
إليزابيت الحية الذهبية التي تتشكل
كأجمل الحوريات
وقابلت الحبيبة اليزابيت
وأخذت عليها عهد الطاعة
فلازلت أمامها أمير السيف والنار
و هي اول من أغويتها و عشقتني
ولكن إعلموا المسكوت عنة يا بني البشر
هي من تغير قواعد إنتقامي
الإميرة إليزابيت
فهي حفيدة
ملك الجن سوميا
اول ملك يلبس التاج
من الجن
هي المفتاح لآدم و الانتقام
فقط
إعلموا المسكوت عنه
فلم أبدأ رحلتي بعد
ولكن
اول ما سأعلمكم اياه بني البشر
ان الحقيقة ليست ما رويت لكم
بل الحقيقة هي ما حدثت بالفعل
وإعلموا حقيقة الخطيئة الأولي
و أنتم من ستقررون يا بني آدم
من منا خطيئته أكبر
انا أمير النار أم آدم الطيني
ولنبدا المتاهة والدائرة
و كنزي وسري الأقدس
المختار
مخلصكم إبليس
يتبع...
محي الدين محمود حافظ
#المصادر البدايه والنهاية ابن كثير
#المسعودي اخبار الزمان١١٣_١٢٣
#التلمود
#سفر التكوين 1-5
#سفر أشعياء12-17
0 تعليقات