سعيد الأقطش بقلم : محمد فتحي شعبان

 

سعيد الأقطش 

بقلم : محمد فتحي شعبان 



وقت الفجر الهواء بارد يلف الحارة بثوب من البرد ، يخرج من المسجد ممسكا بعصاه يتحسس بها الطريق ، اتبعه كي أقود خطاه لكنه يقودني إلي خارج الحارة ، أعمى مقطوع الأذن تساقطت أسنانه ، أسير معه حتي نصل إلي المقابر ...يسير بينها دون أن يتعثر كأنه يرى ، قادني إلي مقبرة بعيدة في زاوية المقابر ، منفردة عن كل ما حولها ،استند عليها وبدأ يتمتم بكلمات لا أفهمها ، توجه ببصره إلي السماء فتوجهت بنظري إليها وأسئلة تدور برأسي ماذا يرى ...لا شىء سوى ظلمة ، أخذ نفسا عميقا ثم جال ببصره مرة أخري في السماء ، أمسك بيدي واتجه خارجا من المقابر ...نظرت إليه كيف يسير ، زادت سرعة خطواته وقبل أن أحدثه قال ( في مطر شديد جاي ) لم نكد نصل إلي البيت حتي انهمر المطر ...تبسم حين سمع صوت الرعد وهطول المطر ، وقف في مدخل بيته يجول ببصره في السماء و يبتسم في وجه الظلمة ، اخذتني الحيرة أهو أعمى ...

عندما أمسكت السماء ماؤها خرجت إلي الطريق ، كان عبده المنفي يختبئ تحت أحدي الشرفات بجوار عربته ، تبسم في وجهي حين رآني ثم سألني ( إيه أحوال اللي كنت عندهم ) تعجبت من سؤاله فضحك ، ثم بدأ في الحديث ...سعيد الأقطش الذي اشتهر  بهذا بسبب قطع أذنه في إحدى معاركه ( كان أصيع واحد في الحارة بس بعد ما اتعمي وماتت مراته ادروش) صار لا ينقطع عن المسجد وعن زيارة قبر زوجته ، يحكي معها ساعات طوال ( وبقي زي ما يكون مخاوي ) كان يحكي عن أشياء غريبة أحيانا يهذي بكلام غير مفهوم وأحيانا يقول كلام حكيم ، لا ينقطع أبدا عن زيارة زوجته في كل فجر .

كان لا يقطع حديثه إلا قيامه بتعبئة الفول أو البليلة لأحد الزبائن ، سمعنا صراخ يأتي من أحد البيوت ، كان بيت نادية العلمة ...سكت عن الحكي واتجه مسرعا إلي هناك ...

إرسال تعليق

0 تعليقات